نكرر دائما أن أول مدرسة للإنسان هي الأسرة، وأنها المكان الأول الذي يتعلم فيه أساسيات الحياة.
ولأن للأسرة هذا الدور المهم في تعليم أبنائها فإنه عليها أن تصنع من أبنائها قادة. يقابلون العالم بشجاعة وقوة ومعرفة ووعي وفكر حتى يتسنى لهم أن يكونوا نافعين ومؤثرين في هذه الحياة. فهم من سيقود الأمم إلى المستقبل.
فمن هو القائد؟
القائد بحسب علماء نفس الجماعة هو الشخص القادر على التأثير فيمن هم حوله وتوجيه سلوكهم لغرض ما.
فما هي الطرق التي يجب على أرباب الأُسر أن يقوموا بها لخلق قادة من أبنائهم؟
1. أولًا أن يعلّم الأبوان أبنائهما العقيدة السليمة واللغة المستقيمة حتى يتأسسوا على أساس ثابت واضح.
2. ثم تأسيس القادة من الجانب الأسري الاخلاقي:
- تأسيسهم على الأخلاق الحميدة كالكرم، نُصرت الضعيف، الشجاعة، الأمانة، الصدق، وغيرها..
- كذلك على الأبوين أن لا يكذبا على أبنائهما، ولا يُأملانهم في شيء ما، ولا يكذبان أمام أبنائهما لأي سبب كان. فالكذب صفة سيئة يكرهها ويمقتها كل عاقل، فكيف لأب أن يربي أبنائه على هذي الصفة الذميمة. والقائد يكون شجاع، والشجاع لا يكذب لأنه لا يخاف.
- وأيضا لا يغش الأبوان أبنائهما من أجل تحفيزهم على أمر ما كمثل ان يقولا لهم “أفعل كذا وسأعطيك كذا” ثم يفعل الابن ما طلب منه ولا يجد ذلك المقابل، فيتعلم صفه تجعل منه متسلق على ظهور الاخرين غير أي جهد. وهذي صفة تسقط الانسان من مكانته. فالقائد لا يغش من أجل الوصول الى هدفه مهما كانت الظروف.
3. تأسيس القادة من الجانب الأسري السلوكي والمعاملات:
- على الأبوين أن يُحسنا معاملة أبنائهم في كل شيء ويظهران ذلك من خلال معاملتهما لبعضيهما قدر المستطاع.
ثم عليهما أن يكونا وسطيان في تعاملاتهما معهم فلا يوبخانهما بالكلام على كل كبيرة وصغيرة ولا يصرخان عليهم من أجل القيام ببعض الأشياء أو لأن الابن لم يقم بواجباته. وكذلك لا يرخيان لهم التعامل في كل شيء فهذا يدعوهم لعدم المبالاة والإفراط في التخاذل والكسل. ولا يوجد قائد كسول. - كما أأه على الابوين أن يراعيا سلوكيهما مع بعضهما البعض أمام أبنائهما فلا يظهران الخلافات التي تكون بينهما أمام الأبناء فيتعلموا منهما أن حل المشكلة يكون بتحميل الآخرين المسؤولية في حال حصل خطأ ما، أو سوء فهم فيتعلم الأبناء أن الحلول الأنسب هي الصراخ والعصبية. فهذا سلوك يجعل من الأبناء أشخاص مُستفزيّن غير قادرين على إدارة أي خلاف مع من حولهم. وهذا يفقده شخصية القائد الذي باستطاعته ان يهدى الواضع ويركز على ما هو فيه من عمل.
- كذلك على الأبوين أن يُعلما أبنائهما الاعتماد على النفس وإدارة شؤونهم وتجنب الكسل والبلادة والاعتماد على الآخرين. فالبليد لا يمكن أن يكون قائدا، حيث أنه من المعلوم أن القائد هو شخص عملي يشتغل على نفسه ويعتمد عليها.
- كذلك يجب تعليم الأبناء كيفية التعامل مع مصاعب الحياة والتغلب على العقبات. يقول علماء نفس الجماعة أن القادة تصنعهم مصاعب الحياة وقسوتها وألمها، وعلى الأبوين أن يوجها أبنائهما توجيها صحيحا يستطيعون من خلاله التعامل مع المصاعب والإشكالات. حتى يكونوا قادة لأنفسهم ومرجعا لمن حولهم، وعلى الآباء أيضا أن ينتبهوا لتصرفاتهم وتعاملاتهم.
وأخيرا ما الذي يجب على الآباء تعليمه لأبنائهم من أجل أن يصنعوا منهم قادة بعد الأساسيات المذكورة أعلاه؟
على أرباب الأُسر أن يدركوا ميول أبنائهم وشخصياتهم ويدفعوا بها إلى حيث المكان الصحيح، من حيث تعزيز روح الشغف وصقل الموهبة التي يحبها الابن حتى يصبح هو بذاته واعٍ لما هو مقبل عليه فيجيده. فليس من الضروري أن يكون القائد شخص متحدث في وسط جمهور معين ليتبع ذلك الجمهور كلماته؛ ولكن يجب أن نجعل من الرسام على سبيل المثال قائدا في مجاله فإن هو قام بعمل فني رائع، وجد العالم كله في ذهول من عمله ومن فكرته وقد يجعل منها أيقونة في قضيته.
كذلك تفعل مع الكاتب، حيث تنمي فيه شغف الكتابة حتى يصبح قلمه قوي الفكر واضح الرأي ينصر الضعيف وينشر العلم ويصبح مصدرًا ترجع إليه العقول ويرفع به الحق.
وأيضا مع من يميلون للعلم والبحث، حيث تنمي في ابنك المهارات البحثية والحسابية وتشجعه على دراسة النظريات الفيزيائية والكيميائية حتى يستطيع أن يخدم أمته ويساعد البشرية، فيكون رائدا في هذا العلم ويرجع إليه العالم بإذن الله في أخذِ الرأي السديد ليحل مشاكلهم البيولوجية ويفسر نظراتهم الفلكية. وهكذا في كل مجال من مجالاتهم التي تشغل عقولهم منذ الصغر.
ومن المهم أن نصنع قادة في مجتمعاتنا، فالأمة تحتاج الفكر القيادي الذي يشارك في الرأي ويساعد في التنمية.
ولن يكون الفرد قائدا إلا إذا وعى وأدرك ما حوله؛ وبعد الوعي والإدراك سيكون قادرًا على إعطاء الرأي السديد وتقديم العلم المفيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الصورة: https://2u.pw/YGY82