يعتبر تويتر أحد أهم المصادر الإخبارية في شبكات التواصل الاجتماعي ، ليس من حيث وفرة المعلومات فحسب بل من حيث عمق التفاعل الاجتماعي للنخب المثقفة في العالم العربي.
وتويتر مجال خصب وبحر موار ينضح بالأفكار وعندما يحاول المرء سبر أغوار أحد المغردين واستكشاف العوالم التي يبحر فيها وتشغله ويكون عليها مدار تغريده لا يكون ذلك من السهولة بمكان لأنك لست أمام نص متكامل الأركان له خصائصه ومناهجه وإنما أنت أمام كلام مقتضب لكن هذا الكلام برغم حروفه التي لا تزيد عن مائة وأربعين حرفا بإمكان القارئ له والمتفحص فيه أن يكتشف من خلاله نقاطا كانت إضاءاتها خافتة وأحيانا معتمة في شخص المغرد ذلك لأن التغريد يعري تلكم الخواطر التي تجول في الذهن وتجوس في النفس فيصبح في توتير كمن يفكر بصوت مسموع ولا تكون تلكم التغريدات إلا انعكاسا للحقيقة التي قد يحاول المرء إخفاءها لأسباب عديدة فيكون التغريد بمثابة الهاجس الذي يسارع إلى الظهور في شكل تغريدة قبل أن يفلتر بفلترات العقل فتبدو النفس أشد ما تكون وضوحا وبعدا عن أي نفاق اجتماعي. وتويتر يتميز بميزة أخرى وهي التفاعلية التي تجعل المغرد في أحيان كثيرة يبدو مسلوبا من قبل المتابعين سواء من يؤيده أو من يعارضه فتجده قد ينساق وراء الموافق والمعارض متناسيا أو غافلا عن كل التابوهات المحظورة بل قد ينسي التغريدُ التغريدَ حتى ليبدو الكلام متعارضا متناقضا فما يبرمه بالأمس ينقضه اليوم وما يفتله اليوم يقطعه غدا.
ولعل من بين المغردين الذين لهم حضورهم اللافت في المشهد العماني : الدكتور زكريا المحرمي وهو طبيب وباحث في الفكر الإسلامي والرجل يتميز بنشاط كبير في الحقل الثقافي ندر أن تجده بين المثقفين في عمان فهو يؤلف الكتب ويشارك في منتديات التواصل الاجتماعي بفعالية ويحاضر في الندوات ويشارك في الأمسيات ومهما حاولت التواصل معه تجد القلب رحبا والباب مفتوحا.
يتميز الدكتور زكريا بقوة لغته وتطويعه للمفردة فهو يلقيها مكتنزة بالمعاني الثاوية فيها ليسهر الناس جراها ويختصم ولا يبالي الرجل وهو يلقي كلامه في أي واد نزل وبأي تفسير فسر متدرعا عند الهجوم اللاذع بالخلق الذي يعصمه من النزول إلى وحل الردود على الإهانات بمثلها ولسان حاله كما يقول في إحدى تغريداته(مالي وللناس كم يلحونني سفها%ديني لنفسي ودين الناس للناس).
وهذا ما يجب أن يتحلى به من نزل ساحات تويتر فمن تصدر للناس فليتصدق بعرضه لأن (هناك خلطا كبيرا بين الفكرة وصاحبها وبين التلاوة والمتلو) والناس على أتم استعداد ل(يشيطنك لأنك اختلفت معه في فكرة واحدة) .
ولا ريب أن الهجوم الذي يتعرض له الدكتور نابع من تلك النزعة الهجومية واللغة المتهكمة والاستفزازية التي يريد من خلالها رج الأفكار وزعزعة المسلمات ولا ينكر الدكتور نزعة العقلانية لديه التي لاقت تشويها كبيرا على يد سماحة المفتي في كتابه العقل حيث جعل مفهوم العقلانية ومنهجها واحدا بعيدا عن سيروة المصطلح تاريخيا ومدى تطوره مفاهيميا حيث زج الجميع في قفص واحد ولذلك يعتب الدكتور على المؤسسة الدينية في تبذيرها الأموال في محاربة العقلانية بدل إنفاقها في تعديل خطابها وكبح جماح السلفية المتطرفة التي بدأت تطل بوجهها (فالعقل يحتاج الى مياه جديدة تغسل الأفكار القديمة وتجدد رؤيته للحياة)حيث بات العقل مسلوبا بخطاب ينبغي له (التحرر من سلطة الروايات) ويعتب بالتالي على برنامج سؤال أهل الذكر لأنه يراه يعاني من رتابة في العرض وتكرار في الأفكار وإغراق في العموميات داعيا إلى تطويره فالدكتور زكريا يرى أن مصائب الأمة تكمن في التقليد والاستبداد الذين يعملان عملهما في بذر بذور التطرف والإرهاب (فالأمة بحاجة إلى طرح جديد يتجاوز فكرة هيمنة النقل على العقل) فالعقل هو من يمنح النص ذلك الاتساع الدلالي والتطور المفاهيمي ليصبح النص قادرا على التشكل وفق ظروف الزمان والمكان وهذا يذكرنا بالأثر المروي عن علي بن أبي طالب(هذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال) ولذلك كان خلاف الصحابة على تأويل القرآن حتى تصافحوا بالسيوف وقال علي قولته المشهورة(بالأمس قاتلناهم على تنزيله واليوم نقاتلهم على تأويله) .
يعارض الدكتور زكريا مبدأ الخنوع والخضوع والسمع والطاعة لولي الأمر مهما كان ظلمه وجبروته داعيا إلى الثورة على الظالمين (فمن السفاهة ترك الثورة لأنها من فعل الخوارج)معيدا تغريدة بابا الفاتيكان (عدم المساواة هي رأس الشر)مقارنا إياها بكلام من نصب نفسه متحدثا باسم دين الإسلام :أطع ولي الأمر ولو ضرب ظهرك) ولذلك لا يفتأ الدكتور يلقي بحمم تغريداته على السيسي الذي وصفه بالعرص قبل أن يحذف تلكم التغريدة ليعود للقول معلقا على فوزه كرئيس لمصر بالقول(يبدو أن الدكر السيسي لم يغر سوى العواجيز) مذكرا إيانا بدكر البط الذي يشيع ذكره في المسلسلات المصرية وقد وصم البعض موقف الدكتور من الإخوان بالتعارض فبعد أن كان يعيب عليهم صار يدافع عنهم بينما يرى البعض أن ما يفعله الدكتور ليس إلا محاولة للتقرب من وسائلهم الإعلامية الضخمة وعلى رأسها قناة الجزيرة بينما يرى الرجل أن فعله ذلك نابع من أن هجومه كان أيام سطوتهم فلما دالت دولتهم وأصبحوا مستضعفين كان من خوارم المروءة ترك الضعيف نهبة للنقد والتسيد عليه ولذلك شن الدكتور زكريا هجوما على من سماهم النعام الجدد وهم السلفيون والليبراليون والصوفيون الذين هاجموا الإخوان لكن هذا الدفاع يستدعي من الدكتور أحيانا المبالغة في مديح قطر والمغازلة لها لكونها معقل الإخوان مع كون الموضوع الذي مدح به قطر يستدعي الذم لا المدح(قال أوباما:أعطتنا قطر ضمانات أنها ستحافظ على أمننا القومي،العملاق الأمريكي يفتخر بضمانات قطر..نفتخر بك يا قطر) فهل ضمان قطر لأمن أمريكا التي قتلت الشعوب وأبادت الدول ونشرت الفساد يستحق الثناء!!!.
وفي الجانب الاجتماعي يبدو الدكتور زكريا مهتما بشؤون المجتمع فيبدو الدكتور حاضرا من خلال الهاشتاقات التي يعملها كوسمه الخاص بقطع الغيار ويحاول أن يتجنب جلد المجتمع والحط من شأن أفراده عائبا على من سماهم المثقفين الجدد المسابقة إلى ذلك التوصيف لحالة المجتمع الصحية وتقديم وصفات العلاج لإنعاشه حتى يصابوا بالغرور ولكن في المقابل يقوم الدكتور بتعرية ما يسميه العيوب الاجتماعية مطلقا لفظة جهاد على هذه التعرية محاولا زمها بأعنة القيم النبيلة والأخلاق المقدسة وقد أجريت مع الدكتور حوارا لم تنقصه الصراحة ولم يخل من طرفة وملاحة وإليكم نص الحوار:
· ما تقييمكم لتجربتكم في تويتر حتى الآن؟
· اعتبر تجربتي في تويتر مفيدة جدا ،لانكشافي على عوالم جديدة من الأفكار والأشخاص الرائعين ،وإتاحة المساحة لي لعرض أفكاري على شريحة أكبر من القراء خارج حدود الوطن والخليج والعالم العربي.
· حاليا تتابع 266 شخصا في تويتر، فهل هناك أسس معينة لهذه المتابعة وهل للمجاملة دور فيها؟
· أهم القواعد لمتابعتي أي شخصية؛ أولا كونها متميزة في الطرح ،ثانيا قلة مشاركتها ،لأني لا أحب الثرثرة والصخب ،ثالثا تأثيرها في المجتمع ،رابعا مصداقيتها وهذا هو أهم سبب لمتابعة الحسابات الرسمية ،خامسا المتابعة القصيرة لبعض الشخصيات من اجل اكتشاف فكرها ،سادسا المجاملة لان بعض المعارف يعتبرون عدم متابعتك لهم في تويتر قطيعة وعقوقا!!.
· لقبت بعميد المغردين العمانيين ،وتم ترشيحك من قبل البعض كأفضل مغرد مؤثر بالسلطنة .
كيف تنظر لهذا الأمر، لا سيما وأن تغريداتك كثيرا ما يتم تناقلها عبر وسائل التواصل المختلفة ،مما يدل على قوة أثرها مع المخالف فضلا عن الموافق؟
· الألقاب لا قيمة لها؛ الأهم هو القدرة على خلق التغيير من خلال دفع الناس إلى التدبر والتفكر وبناء التصورات عن وعي.
· البعض يتهمك بطلب الشهرة وأنك تخالف لمجرد المخالفة
والسؤال من شقين: هل ترى طلب الشهرة معيبا حتى يكون تهمة؟
والثاني: ما ردك على من يقول بأنك تخالف لمجرد المخالفة؟
· هناك من يطلب الشهرة لشعوره بالنقص، وهناك من يطلبها لإيصال فكرة؛ الأول بحاجة إلى مراجعة والثاني بحاجة إلى دعم.
أما ردي على هؤلاء فهو: الطحالب الميتة وحدها من يسير مع التيار، أما من رزقه الله قلبا نابضا بالتفكر والتدبر والنظر في كتابه وآفاقه ،فلا يجوز له أن يكون إمعة ولا أن يسير مع التيار.
· بعض الأحيان تستخدم الحظر (البلوك )في تويتر لمن ترفع (طير شلوى) يا ُترى ؟ألا يتعارض ذلك مع دعاوى التسامح والعفو وحرية التعبير التي تنادي بها.
· لا استخدم خاصية الحظر الا في حالات نادرة ،وهي تلك التي يتعدى فيها الكاتب الحدود من خلال الشتائم المعيبة ،والقذف الفاجر الذي يسيء لكل متابع ،خاصة إن كان ذلك موجها ضد أعراض الناس أو مذاهبهم وأديانهم.
· يقال بأن الدكتور زكريا يستغرق في كتابة تغريدته وقتا طويلا، حتى لتحبسه تلك الصياغة في سيارته أو مكتبه!
هل تغريداتك دائما هكذا، أم ترى أحيانا أنك تستعجل بها حتى تندم عليها؟
وقد لاحظتُ أنك قد غردت تغريدات ثم حذفتها بعد أن طارت بها الركبان .
· بعض التغريدات تأتي في سرعة البرق، أو ربما أسرع وبعضها يحبسني لساعات.
لم أندم على تغريدة أبدا ،وما حذفته وهو نادر كندرة الماء في الصحراء ،إما لخطأ في الصياغة أو لضغوط اجتماعية، ولكن ذلك الحذف لا يتم الا بعد ايام أي بعد تحقيق الهدف من التغريدة ،وهو دفع الناس إلى التفكر والجدل حول فكرتها.
· ما حقيقة العلاقة بينكم وبين سماحة المفتي ،فالمشاهد يرى سماحته يرد على بعض مقولاتك دون تصريح باسمك ،وأنت في المقابل تنتقد بعض مقولات المفتي،
هل العلاقة بينكما متأزمة أم لا زالت علاقة أبوة وبنوة؟
· سماحة المفتي هو شيخنا ومعلمنا وأبونا؛ واختلاف الآراء بين الآباء وأبنائهم مؤشر صحة ،ودليل على خصوبة المعرفة المتوفرة في المجتمع؛ وقد اختلف اجتهاد ابن عمر عن اجتهاد أبيه الفاروق وكان الشيخ ناصر بن جاعد يخالف والده تصريحا وتلميحا في أكثر من مناسبة؛ وما يظهر من صخب كلامي لا ينفي المودة القائمة بيننا وبين سماحة الشيخ.
· ما هي معايير إعادة التغريد لديكم؟
· أعيد تدوير التغريدات المميزة ،أو تلك التي تحمل خبرا يجدر بالمتابعين الاطلاع عليه، وأحيانا لكسر النمطية التي ربما تتقولب فيها تغريداتي.
· ما حقيقة موقفكم من الإخوان وهل هناك تغير في رأيكم نحوهم وسمه البعض بالتناقض؟
· الخطاب الديني بشكل عام متخلف ورجعي ،وهو داعم للاستبداد ومعطل للفكر والإبداع ،وحركات الاسلام السياسي بما فيها الاخوان لا تخرج عن هذه المنظومة المحبطة.
انتقدت الإخوان حين كانت لهم السلطة ،وكففت عنهم حين صاروا مستضعفين ،وليس من المروءة مهاجمة المستضعفين، بل إني أرى أن الإخوان على سوئهم هم أفضل الموجود على مستوى الخطاب الفكري ،لذلك اعتبر دعمهم فيما دون رئاسة الدول موقفا استراتيجيا؛ لكنهم لا يصلحون للرئاسة، ما لم يتحرروا من أغلال السلفية وفي ظني هذا ما قام به إخوان تونس.
· ناديتم في تغريدة بدعم السلفية المعتدلة، مما أثار لغطا شديدا وهنا نريد طرح بعض الاسئلة في هذا المضمار:
إلى أي مدى يمكن اعتبار السلفية مدرسة حتى نطالب بالاعتدال؟ ألا تعد السلفية مرحلة تاريخية، أو نزعة ظاهرية في التعاطي مع النص دون استيعاب المقاصد والعلل؟
وفي حالة المطالبة بالاعتدال؛ فإن هذا المصطلح يحمل الطابع السوسيولوجي لتفسير سلوك محدد وفق معيار محدد؛ فكيف يمكنك تخطي عقبة صياغة المعايير ،في الوقت الذي تعد السلفية ذاتها معيارا لكل سلوك؟
وعند التفكير في نهضة سياسية أو علمية أو فكرية هل من الضرورة الانضواء تحت مظلة ثيوقراطية؟
· السلفية كما أوضحت في تغريداتي ناشئة من الحنين إلى الماضي والرغبة في تمثله؛ لذلك فمهوم السلفية ليس منحصرا في الوهابية ،بل يتعداه ليشمل سلفية محمد عبده والأفغاني ومن بعدهم رشيد رضا والإخوان وما تفرع عنهم ،والسلفية الصوفية والزيدية والإباضية بل وحتى السلفيات غير المسلمة المسيحية منها خاصة كما أشار إليه أرنولد توينبي في تاريخ الحضارة.
فإن تجاوزنا الخلط بين السلفية والوهابية، نجد أن هناك سلفيات أكثر اعتدالا ينبغي دعمها ومحاولة تطويرها.
وكل ما يرتبط بالمنهج السلفي اليوم إنما هو علامة تجارية خاصة بالسلفية الوهابية ،أما غيرها فهو يملك المؤهلات المنهجية التي تجعله أكثر تقدمية وتحررا كما هو حال الشيخ محمد الغزالي، وطه جابر العلوان ،وحسن الترابي، وراشد الغنوشي وبدرجة أقل سلمان العودة.
أما الثيوقراطية فهو مصطلح نشأ خارج الحوزة الإسلامية ،وهو يفترض كون الحاكم يحكم باسم الإله وما يقوله وحي معصوم ومقدس ،وهذا لم يقل به في الإسلام سوى الشيعة حين يظهر الإمام المنتظر عندهم؛ أما غيرهم فلم يزعم أحد العصمة للحاكم.
وبعيدا عن المصطلحات الوافدة والظلال الشائكة التي تحملها أقول :بأن المجتمعات المسلمة لن تتقدم بتنحية الدين، ووضعه في الأرشيف والمتاحف ،بل هي بحاجة إلى نهضة متوازية في خطابها الديني، وفي منظومتها السياسية ،ولإحداث مثل هذه النهضة نحن بحاجة إلى ثورة فكرية وعلمية، تزلزل أصنام الاستبداد السياسي والديني
· هل تفكر برفع قضايا ضد بعض المغردين ،الذين يتهجمون عليك خاصة وأن بعضهم أباح دمك وتكلم في عرضك؟ ولماذا؟.
· كأي إنسان تؤلمني العبارات القاسية والكلمات النابية، لكنها لا تعلق في ذهني طويلا؛ لا أدري لماذا ؟ربما لأن في روحي فيضا من الحيوية القادرة على التجدد، وشفاء جروح الشتائم وقروحها؛ لذلك لا تحتفظ ذاكرتي بأخطاء الناس وعيوبهم؛ الأهم أن نعود الناس على احترام الرأي الآخر مهما كان قاسيا.
· في إحدى تغريداتك :أنحيت باللائمة على المؤسسة الدينية لتبذيرها الأموال في محاربة العقلانيين بدل توجيه خطابها لصد التيار السلفي الجهادي الذي بدأ بالانتشار في عمان، وسؤالي ما مظاهر هذا التبذير وهل تؤيد العقلانية التي يتهمها الخطاب الديني بمحاولة هدم الدين ويتهمها اللادينيون بمحاولة ترقيع الدين.
· لقد صرفت وزارة الأوقاف عشرات الآلاف من الريالات لطباعة كتب ترد على الفكر العقلاني العماني ،ككتاب العقل لسماحة المفتي وكتب أخرى ،إضافة إلى المحاضرات في المحافظات المختلفة وهي أيضاً لا تخلو من تبعات مالية.
الفكر العقلاني يقوم على التعددية والوسطية وعلى جعل العقل أصلا معرفيا مستقلا.
أما دعاوى هدم الدين وترقيعه فتطرفها يكشف لك هشاشة المنطلقات غير الموضوعية التي تنطلق منها.
· قلت في إحدى تغريداتك: الأمة بحاجة لمنهج منتظر، وليس لمهدي منتظر وأن هذا هو مشروعك الأبدي، تُرى ما ملامح هذا المشروع وهل ترى أنه آتى أُكُله؟
· ملامح المشروع حاضرة في مؤلفاتي المختلفة؛ خاصة كتاب قراءة في جدلية الرواية والدراية ،وكتاب السنة الوحي والحكمة المشترك مع العدوي والوهيبي ،وكتابهما الإيمان بين الغيب والخرافة؛ ونجاح هذا المشروع تكشفه حالة الجدل التي يعيشها الوسط الثقافي الديني حول الأفكار والرؤى التي تتمخض عن هذا المنهج ،وفي العدد الكبير من الشباب داخل عمان وخارجها الذين يعتبرون هذا المنهج هو الأقرب إلى روح الإسلام.
· هناك تغريدات يرى البعض أنك تتقصد بها المتدينين هل تتعمد فعلا إغاظتهم واستفزازهم؟
· أنا لا أستفز كرامة الأشخاص ،ولا أرضى بالإساءة إلى أحد ،لكني أحاول استفزاز العقول أحيانا لدفعها إلى مراجعة فكرة ما ونقلها من دائرة اليقين والتسليم إلى دائرة البحث والاحتمال.
· برأيك ما مظاهر انتشار التيار السلفي الجهادي في عمان،وهل للخطاب الذي تهيمن عليه المؤسسة الدينية دور في ذلك؟وهل ترى من واجب الدولة التدخل لكبح جماحه وكيف ؟
· أعلن تنظيم القاعدة عن وفاة عدة عمانيين في أفغانستان والعراق ،إضافة إلى ما رشح من محاولات تجنيد للشباب العماني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ لذلك علينا مراجعة خطابنا الديني الذي سمح بهكذا اختراقات خطيرة؛ وأنا أزعم أن ابتعاد الخطاب الديني عن هموم الشباب ،وإغراقه في صراعات الطواحين ضد وهم العقلانية ،والوهابية ساهم في هذا الإخفاق؛ وبالتأكيد الدولة هي المسؤولة عن حماية الشعب من اقتحامات هذا الفكر التدميري إلى المجتمع العماني، لذلك أطالب الدولة بمراجعة استراتيجياتها التعليمية والإعلامية وخطابها الديني.
· للمرأة حضورها اللافت في تغريداتك دكتور :
هل ترى الخطاب الديني لا زال ينظر للمرأة بدونية وهو إن لم يقل ذلك حوارا لكنه يقوله اعتبارا؟
· الخطاب الديني في العالم الإسلامي ما يزال متأثرا بالاسرائيليات ،التي تنحي باللائمة على المرأة في خطيئة آدم وخروجه من الجنة؛ لذلك تجد أغلب الفقهاء يتشددون في القضايا المتعلقة بتعليم المرأة وعملها وسفرها ،فضلا عن لباسها واختلاطها بالرجل؛ لذلك أدعو إلى منهج فقهي جديد يحرر المرأة كما يحرر الرجل عبودية التقليد والرأي الأوحد.
· البعض يرى أن الدكتور زكريا يبحث عن منصب بالدولة، بينما الناظر في تغريداتك يرى أنك تفتح النار على مختلف الجبهات وليس هكذا شأن من يطلب منصبا؟
· البعض يريد منك أن تتخلق بأخلاقه فتكون نسخة شوهاء منه، بحيث تكون كالبركان الذي ينفجر بالأدخنة والسموم والرماد ،فتشتم هذا المسؤول وتقذف ذاك وكأن الإصلاح والتغيير لا يحصل سوى بهذا الأسلوب المنافي لقيمنا وأخلاقنا؛ هؤلاء وأشباههم يعتبرون كل من لا يدور في فلكهم متسلقا أو باحثا عن منصب؛ وهؤلاء ليسوا سوى نتاج لحقبة الفساد التي سادت المؤسسة الرسمية ،قبل إصلاحات ٢٠١١، لذلك يجب أن لا نغضب منهم وإنما ندعو المجتمع إلى احتوائهم وإعادة تأهيلهم.
· ما أفضل الأوقات للتغريد ؟
· أغلب الدراسات تشير إلى أن أفضل أوقات التغريد هي بعد انتهاء الدوام الرسمي أي بعد الخامسة وتكون الذروة في الساعات الأولى من الليل بين الثامنة والعاشرة.
· كلمة تحب توجيهها للمغردين عموما وللعمانيين خصوصا.
· أنصح نفسي أولا وجميع المغردين بتقوى الله في كل ما نكتب وأن نحذر من الكذب والغيبة والبهتان؛ كما أنصح نفسي وغيري بالتريث وعدم الاندفاع في الكتابة والردود ،لأن الاندفاع لا يخلو من تهور قد يفقدنا مصداقيتنا ،وقد يعرضنا لخسائر نفسية واجتماعية ،وربما قانونية نحن في غنى عنها؛ وأخيرا أنصح الجميع بالقراءة والبحث والدراسة فمواقع التواصل الاجتماعي ،ليست سوى مجالس حوارية وليست مؤسسات تعليمية ،ولا منابر تثقيفية، ونحن بحاجة إلى معرفة حقيقية وعميقة وهذه لن نجدها في تويتر على جماله وفوائده ،لكنها مركوزة في الكتب والدراسات والدوريات العلمية.