كما يعلم الجميع أن الاقتصاد هو محرك الشعوب أو الدول، وأن من أكثر الأشياء التي تجعل الدول مستقلة في قراراتها السياسية الداخلية والخارجية هو اقتصادها الوطني.
تضع الدول مجموعة من التعديلات والإصلاحات الاقتصادية سنويا، كما تضع خططًا اقتصادية طويلة الأمد؛ غير أن هذه الإصلاحات في أغلب الدول ليست إلا إصلاحات شكلية أو ورقية غير قابلة للتنفيذ، وإن كانت قابلة للتنفيذ فلا يعمل بها، ولا تكون إلا حبرًا على ورق؛ وذلك بسبب سيطرة المنظمات السرية على اقتصاد العالم، وتحريك بعض الدول للسيطرة على بعض الأدوار السياسية، واحتكار الأمن والسلاح والغذاء.
وقد تعمد هذه الدول المحركة من قبل المنظمات السرية إلى التحكم في أسعار عملات الدول ومواردها، كما تعمل الدول العظمى على التحكم في أسعار النفط، واحتكار إصدار الأوراق النقدية، وإنتاج القمح.
وتسعى أغلب الدول إلى بناء اقتصاد مستقل؛ لكن الدول المسيطرة لا تسمح لها بذلك لرغبتها في الهيمنة على دول العالم والشعوب من خلف المنظمات الأممية والسرية التي تتحكم بإرادة الدول، وتديرها من خلف الستار.
إن الاستقلال الاقتصادي لأي دولة ليس بالأمر الصعب، ولكنه يحتاج إلى خطط محكمة واعتماد على بعض النقاط الأساسية مثل:
1/ تقوية التعليم المحلي والاستفادة من التجارب المتقدمة في بعض المجالات.
2/ إصدار العملة المستقلة المربوطة بالذهب أو المادة الخام المنتجة من الدولة نفسها مثل (النفط في دول الخليج العربي).
3/ الصناعة التي تضمن للدولة قدرتها على الاكتفاء الذاتي بنسبة تفوق 80% في المجالات (العسكرية والصناعية والصحية وإنتاج الطاقة) الخ..
4/ الإنتاج المحلي من الأغذية بالكميات الكافية خصوصًا من القمح ومنتجات الخضار والفواكه. إلخ..
5/ تأهيل الكوادر البشرية الوطنية للقيادة في كافة المجالات.
6/ الشفافية في الموازنة العامة للدولة قبل بداية السنة الجديدة.
7/ الرقابة والمحاسبة الشديدة لكل من يتلاعب بمقدرات الدولة.
كذلك فإن الاستقلال الاقتصادي يوفر القوة للدولة، ويجعلها ملاذًا آمنًا لشعبها، وذلك لأنها لا تنظر إلى أي قرار خارجي؛ بل إن قرارها يكون بإرادة ذاتية. وهنا يمكن الإشارة إلى أن الدول العربية والإسلامية يجب عليها أن تقوم على اقتصاد إسلامي متين، ولا ترضى بالخضوع لأي قروض دولية، ويجب عليها الاعتماد في إصدار عملتها الوطنية على نفسها، وضبطها بالمادة الخام، وتتجنب التعامل مع البنوك العالمية المسيطر عليها من قبل المنظمات السرية التي تجبر الدول على الدفع غير المبرر من خلال رفع أسعار المواد الخام، وتحميل الشعب دفع الضرائب. إن إجبار الشعوب على دفع الضرائب بهدف تسديد الديون التي لا تنتهي قد يؤدي إلى الضغط على الشعب ماديًا، ومن ثمَّ فقد يوصل ذلك إلى الانفجار الشعبي، الأمر الذي بدوره قد يفجر الوضع داخليا ويؤزم الدولة أكثر فأكثر.
كما ينبغي أن يحسب للتعليم والإنتاج الزراعي الحساب الصحيح والدقيق. إن ما يجعل الدول في غير حاجة إلى البنوك الدولية هو القوة التعليمية والأمن الغذائي، فالاكتفاء الذاتي لا يدفع الدولة أبدًا إلى الاقتراض بهدف سد حاجات مواطنيها من الغذاء.
ونؤكد هنا أن أيًا من التعاملات الدولية الاقتصادية ليست إلا مجرد وسيلة للسيطرة على الدول، ولا يوجد نظام عالمي يضمن حق أي شعب؛ سواء أكانت السلل الاقتصادية أو قيمة النقد المدفوعة للبنوك الدولية أو الارتباط العالمي. ونطمح إلى تحقيق هذا الأمن لدولنا حتى نتحرر من الاستعمار الاقتصادي.