مقال بقلم: Sabina Knight – أستاذ الأدب الصيني والأدب المقارن فيSmith College بالولايات المتحدة الأمريكية
المصدر: مجلة World Literature Today (مجلة أدبية فصلية – عدد يناير)
ترجمة: دينا البرديني
تشكل “الأقليات” الخمس والخمسون في الصين، المعترف بها رسميًا، أقل من 9% من جمهورية الصين الشعبية، ومع ذلك، فإن عددهم يزيد عن 130 مليونًا، ويستحق أدبهم الدراسة بسبب أهميته السياسية الملحة وقوته الغنائية والفلسفية. يتحدث الأدب متعدد الأعراق عن الكثير من المواقف الصينية تجاه الأقليات، بالإضافة إلى الفهم التاريخي لهذه الشعوب، بحثهم عن الجذور، وتوقهم إلى البقاء الثقافي.
ما الذي يجعل الصين متماسكة؟
كيف مكّن الأدب إمبراطورية الصين المتطورة؟ نحن نرى كلمة “الصين” كرمز للثقافة، عوضاً عن مجرد نظام سياسي يتسم بالديمومة. ربما كانت المرونة اللانهائية التي تتمتع بها تلك الثقافة هي العنصر الأساسي المانح للشرعية السياسية. ما الذي يجعل الثقافة الصينية بهذه المرونة؟ على مدى ثلاثة آلاف عام تمكنت التقاليد الادبية القوية من الجمع بين حضارات متنوعة بل ومتنافسة في بعض الأحيان.
كانت اللغة المكتوبة بمثابة همزة الوصل التي ربطت الشعب الصيني بالماضي الثقافي المشترك على مدار تاريخ المنطقة، تغير ما يمكن اعتباره “صينياً”، ومع ذلك، حتى مع تطور الحروف الصينية عبر الزمن، ما زال بإمكان علماء الجيولوجيا قراءة النقوش المحفورة على أصداف السلاحف وعظام أكتاف الغنم، والتي يعود تاريخها إلى أسرة شانج/ Shang Dynasty (1600-1046 ق.م)، يعتمد تحديد هوية الشعب الصيني على تلك اللغة المكتوبة.
كما سهلت اللغة المكتوبة التواصل عبر اللهجات المنطوقة على تباينها، بما في ذلك تلك الخاصة بالأقليات العرقية، بالنسبة للجماعات العرقية التي تملك لغاتها الخاصة، بدءاً من المغول والمانشو[2] الذين غزوا العالم وحكموه يوم ما، ووصولاً إلى التبتيين والأويغور[3] المعاصرين، فلطالما جلبت الكتابة باللغة الصينية القبول والمكانة. كان المقابل هو حدوث عملية “مقايضة متجانسة”.
كما كانت الكتابة الأدبية أيضاً أساساً للحكم، وخاصة في الصين أكثر من أي مكان آخر. إذ كان لزاماً على العلماء، ليتسنى لهم دخول الخدمة المدنية، إتقان الأعمال الفلسفية الكاملة والتكوين الشعري. كانت تلك النصوص بمثابة صوت الضمير، ويرجع الفضل في ذلك الى وجود تقليد طويل من المسوؤلين العلماء الذين احتجوا على الحكام. يواصل الحزب الشيوعي الصيني الاعتراف بالقوة السياسية للكتابة، والأدب على وجه الخصوص، من خلال الهيئة الرسمية للكُتّاب في جمهورية الصين الشعبية -جمعية الكُتّاب الصينيين (CWA)
من الذي يمكن اعتباره صينياً؟
خلال الحرب الأهلية من عام 1946 إلى عام 1949، تبنت الحكومة الشيوعية الصينية النموذج السوفيتي باستخدامها مصطلح “القوميات” للإشارة إلى الجماعات العرقية داخل الإمبراطورية. كان الصينيون الإثنيون قد تصوروا أنفسهم في وقت سابق من منظور نموذج المركز والأطراف. تلك الفكرة الجديدة الخاصة بـ “القوميات” وضعت الأمم، الأعراق والثقافات الداخلية ضمن تصنيفات اتسمت بالتمييز داخل الخطاب الرسمي، مهد ذلك التمييز الطريق لإنشاء “مناطق الحكم الذاتي” في منغوليا الداخلية (1947)، وشينجيانغ (1955)، وغوانغشي (1958)، ونينغشيا (1958)، والتبت (1965).
لا ينبغي أن تؤخذ التسمية التي أطلقتها الصين على تلك المناطق بأنها “ذاتية الحكم” على ظاهرها. فتلك المناطق دائماً ما كانت تحت هيمنة بكين، تعد سلطتهم في الحكم الذاتي أقل من الحقوق المتواضعة الممنوحة للسكان الأصليين في محميات الولايات المتحدة الأمريكية أو السكان الأوائل في كندا. في الصين، كان تمييز تلك الثقافات يعني أن إدماجها داخل جمهورية الصين الشعبية يستلزم نشوب المعارك حول الاستقلال والهوية، أطلق عليها البعض حروباً أهلية.
تشكل “الأقليات” الخمس والخمسون المعترف بها رسميًا في الصين أقل من 9% من جمهورية الصين الشعبية. ومع ذلك، يبلغ عددهم أكثر من 130 مليون نسمة وتشكل أراضيهم، ذات الكثافة السكانية المنخفضة، أكثر من 45% من مساحة البلاد. في قائمة رابطة الكتاب الصينيين التي تضم أكثر من 12000 عضو، هناك أكثر من 1500 عضو صنفوا أنفسهم من الأقليات العرقية. يمثل العديد من هؤلاء الكُتّاب الجيل الأول من المؤلفين – ضمن مجموعتهم- الذين نشرت أعمال لهم. منذ عام 1976، أصدرت المطابع الصينية مئات الروايات لكُتّاب من الأقليات حول موضوعات عرقية. بالإضافة إلى ذلك، تنشر ما لا يقل عن ثمانين مجلة أدبية (حوالي نصفها باللغات العرقية) قصائد وقصص ومقالات لكتاب من الأقليات. تتمتع جميع هذه المجموعات العرقية بتقاليد شفهية طويلة، وتعد ثقافاتهم من التميز الكافي الذي يؤهل لاعتبار الصين نظام حكم متعدد الجنسيات، أقرب شبهاً بالاتحاد الأوروبي عنه بدولة واحدة.
الرواية والبقاء
بسبب ديناميكيتها ونزوعها إلى التحدي، تمكنت الرواية التي تبدعها الأقليات العرقية في الصين من تقديم أصوات واضحة وسط ضجيج القومية الصينية والخطاب الحزبي. فهي بسبب طابعها الغنائي الغني بمشاعر الحنين والنوستالجيا، توثق التعددية الثقافية داخل حدود الصين المتغيرة عبر التاريخ. وبذلك، تقوّض الرواية متعددة الأعراق فكرة “الثقافة الصينية الموحدة”. كما أنها تتحدث كثيراً عن المواقف الصينية إزاء الأقليات، فضلاً عن الوفاقات التاريخية لهذه الشعوب، بحثهم عن الجذور وتوقهم إلى البقاء الثقافي.
هل ينبغي أن نعدّ هؤلاء الكُتّاب كتّابًاً صينيين؟ تعدّ الإشارة إليهم ك “أقلية صينية” أقرب إلى تسمية الكُتّاب من المستعمرات الفرنسية السابقة، كالجزائر وجوادلوب[4] وحتى فييتنام، “كتَّاب أقلية فرنسية”. ومع ذلك، فإن رابطة الكتاب الصينيين لا تكتفي بدعم المؤلفين العرقيين، بل تستأثر بهم أيضاً، سواء داخل أو خارج أوطانهم الأصلية.

توثيق التاريخ المكبوت
توثِّق العديد من روايات الكتّاب الإثنيين التاريخية التاريخ المكبوت، وتستعيد التقاليد المهددة بالانقراض وترثى ما حدث من إدماج ثقافي. لاو شي/ Lao She – على الرغم من اشتهاره بأعماله عن المضطهدين في بكين، إلا أنه يرسم صورة يملؤها الحنين إلى نشأته في المانشو في روايته الذاتية غير المكتملة “تحت الراية الحمراء” (1961-1962). على الرغم من ظروف عائلته الشاقة، يقدم لاو شي رؤية جديدة وبراقة لعادات تشينغ مانشو. أدى إسباغ الرواية طابع المثالية على حياة ما قبل الثورة إلى إرجاء نشرها إلى عام 1979، أي بعد 13 عاماً من انتحار لاو شي خلال الثورة الثقافية.
يركز بعض الكتاب، مثل المؤلف التبتي يشي تينزن/ Yeshi Tenzin على مراحل ما قبل ثورة 1949. في حكيها عن التبت في مرحلة الثلاثينيات والأربعينيات، تصوِّر رواية يشي “المُتحَدون/ The Defiant Ones ” (1981) التناقضات الطبقية المريرة والنفاق المنتشر في المؤسسات البوذية. على الرغم من احتمالية تقديم المؤلف لتلك الرواية كدفاع عقب اضطهاده السياسي، إلا أنها تعبر عن تعاطف مع القيم الإقليمية والتقاليد الشعبية. في الوقت نفسه، بالكاد ما تخفف تلك المقالات الريفية القصيرة من حدة نقد الرواية للممارسات العدائية التبتية.
تعدّ مقاومة الأجانب، وخاصة الغزو الياباني، موضوعًا شائعاً، كما هو الحال في ثلاثية الكاتب المنشوري Zhu Chunyu الميلودرامية “Bloody Bodhi (1989). تصور رواية Zhu حياة أحد الخارجين عن القانون الوطنيين في منشوريا بعد حادثة موكدين[5] عام 1931 وما تلاها من استعمار اليابان. تحكي رواية “النهر الأصفر يتدفق شرقًا / Yellow River Flows East”، الحائزة على جائزة ماو دون/ Mao Dun الأدبية للكاتب المغولي لي تشون/ Li Zhun، عن مرونة لاجئيي الريف خلال الغزو الياباني المروّع من عام 1938 إلى عام 1945. أما الكاتبة Huo Da، فتؤرخ القهر البريطاني لهونغ كونغ في روايتها الرثوية “رَتق سماء مكسورة/ Patching a Broken Sky” (1997)
كما تعد الروايات التاريخية عن مرحلة ما بعد 1949، والتي تركز بشكل مماثل على الذاكرة الجمعية، أقل انتشاراً وأكثر إثارة للجدل. ببسالة، كرّس عالم التبت جامبيان جيامكو/ Jambian Gyamco عشرين عامًا لكتابة روايته “Galsang Meido”. ترمز زهرة الحظ في العنوان إلى الحب بين زوجين شابين، مجندين في جيش التحرير الشعبي (PLA). ويقدم العمل وصفًا للخوض البطولي لقوات جيش التحرير الشعبي لنهر جينشا واحتلال لاسا[6] لاحقًا في أكتوبر 1950.
على الرغم من تعبيرها عن التفاؤل والعمل المشترك، إلا أن أعمال القوميين التبتيين والأويغور غالباً ما تعبر عن التوق إلى تقرير المصير. حتى أن بعضها يطلق دعوات خفية للعودة إلى الاستقلال. تنَقَل موطن الأويغور في شينجيانغ ما بين داخل وخارج سيطرة الصين منذ العام 60 قبل الميلاد. المنطقة التي تسمى الآن شينجيانغ أو “الحدود الجديدة”، كانت لقرون مضت تسمى بـ”المنطقة الغربية” ولاحقًا “تركستان الشرقية”، وهي دولة مستقلة -بشكل متقطع- منذ عام 1931 وحتى ضمها من قِبل جمهورية الصين الشعبية عام 1949. في ذروة قوتها في القرن الثامن، ضمت الإمبراطورية التبتية جزء كبير مما يُعرف الآن بغرب الصين وشمال الهند وآسيا الوسطى وصولاً إلى شرق كازاخستان. اليوم -وبشكل فعلي- يمكن أن نعدّ كل من شينجيانغ والتبت مستعمرتين.
ليس من المستغرب أن الترجمات الصينية لأعمال الأويغور غالبًا ما تخفف صدى مقاومة هذه الأعمال للهيمنة الصينية. تلك الرقابة التحريرية غيرت من عناوين بعض أعمال كاتب الأويغور عبد الرحيم أوتكور/ Abdurehim Ötkür (1923-1995). سُجن أوتكور -الذي اشتهر كشاعر- من عام 1949 حتى أواخر السبعينيات، ومع ذلك، فهو يصف بشجاعة المقاومة الوطنية الأويغورية أثناء تمرد هامي[7] (1931-1934) في رواياته آثار/Traces (1985)، أرض الصحوة/ The Awakening Land الجزء الأول (1988)، أرض الصحوة/ The Awakening Land ، الجزء الثاني (1994). فُسرت روايات أوتكور ليس فقط على أنها شهادات إعزاز واحترام لأبطال الأويغور الثقافيين وتراث الأويغور وقيمه، بل على أنها دعم مقنَّع للقومية الأويغورية. الكلمة الأولى في العنوان الأصلي تعني “كانت تلك صحوة” في تلميح لا يخلو من مواربة إلى ازدهار قومية الأويغور في الثمانينيات. لتجنب الرقابة، كان لابد من تقديم العنوان عند ترجمته إلى اللغة الصينية بصيغة الماضي التام، ليصبح The Awakened Land. يمكن أن تُلمِّح كلمة “The Awakened” بهذا الشكل إلى أن صحوة الأويغور في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي كانت جزءًا من صحوة صينية عامة.

البحث عن الجذور
في منتصف الثمانينيات، أي بعد مرور ما يقرب من عقد من الزمان على الخراب الذي خلفته ثورة ماو[8] الثقافية، قام العديد من كتاب الأقليات، بالبحث والتحقيق في العادات التقليدية فيما أصبح يُعرف بأدب “البحث عن الجذور”. كانت الحركة مستوحاة من رواية أليكس هالي/ Alex Haley الأكثر مبيعًا في عام 1976 “الجذور: ملحمة عائلة أمريكية/ Roots: The Saga of an American Family ” والمسلسل التلفزيوني الضخم الذي نتج عن تلك الرواية. (ظهرت الترجمة الصينية للكتاب عام 1979).
على سبيل المثال، اكتسب المؤلف Zhang Chengzhi مكانة بارزة بسبب روايته “أنهار الشمال/ “Rivers of the North (1984) إلى جانب أعمال أخرى عن شعب “الهويزو”[9] في شمال غرب الصين. كما جمع أيضاً بين المذكرات الخيالية والشعر والتاريخ في روايته التاريخية الأكثر مبيعًا “تاريخ الروح / History of the Soul” (1991)، والتي يدمج فيها اعتناقه للإسلام مع 172 عامًا من تاريخ الصوفية الجهرية. تستمر الرواية في خطها الغنائي المميِّز لكافة أعمال تشانغ حتى أثناء سردها تفاصيل قمع حركتهم على يد جيوش تشينغ. بكل ما تحويه من تعاطف مع الفلاحين ورعاة الغنم، نجد أن الرواية تبحث عن كل من روح الراوي وروح الأمة.
مثل Zhang – الذي تحول من أحد أفراد الحرس الأحمر[10]، إلى كاتب يبحث عن الجذور، ثم إلى ناقد للمادية الصينية المتزايدة – نجد في العديد من كتاب الأقليات وجوهاً متعددة. في الوقت الذي يعرض فيه بعض الكتاب ثقافاتهم بصفتها أوجه غريبة وغير مألوفة للثقافة الصينية ، نجد أن الأغلبية تقوم بتصوير تقاليدها فيما يشبه الاحتجاج الهادئ ضد هيمنة الهان[11] وتحول البلاد نحو المادية. التوترات السياسية تظهر بقوة، وإن كانت في بعض الأحيان بشكل غير مباشر. عالقون بين الاهتمامات الروحية والعلمانية، وبين القيم التقليدية والحديثة، نجد أن الأغلبية تعبر عن توقها إلى الاستقلالية. لكن معظمهم أيضًا يكافحون ضد ما تفرضه عليهم محاولات الإدماج من تنازلات وخيبات أمل.
أما عن مرحلة تحول السوق، فنجد أن معظم الروايات تعرض وجهات نظر محنّكة حول التنمية الحضرية، كما هو الحال في رواية القرية الثملة / Drunken Village للكاتب Sun Jianzhong والمنشورة عام (1986). وبالمثل، يروي الكاتب Lan Huaichang في روايته “نهر بونو / Buno River” قصة صعود ونهاية امرأة شابة كرائدة أعمال. أما رواية “جنازة مسلم/ Muslim Funeral” للكاتبة Huo Da الحائزة على جائزة ماو دون/ Mao Don والمنشورة في (1988)، فتؤرخ لثلاثة أجيال من نحاتي اليشم[12] في بكين. تمجد الرواية العمل الجاد والحراك الاقتصادي المتصاعد كنوع من الرد المضاد على التوصيم السلبي الذي يتعرض له الهويزو على يد الهان، ولكنها أيضاً تُقر بالثمن الباهظ للغيرة والهوية المزيفة.
بينما يبحر كُتّاب الأقليات في الهويات المختلفة والتأثيرات الكوزموبوليتانية، غالباً ما تعمل الواقعية السحرية (أو العجائبية)[13] على تسليط الضوء على الأعمال الدرامية الوجودية التي تتجاوز السياسة والاقتصاد المحليين. يبدع الكاتب نصف-التبتي توشي داوا/ Toshi Dawa- بلغة منشأه الماندرين الصينية، قصصاً واقعية وواقعية سحرية مستوحاة من التقاليد التبتية لسرد القصص. من ألغاز الوقت في قصته القصيرة “التبت: الأرواح معقودة على حبل جلدي/ Tibet: Souls Knotted on a Leather ” (1985) إلى الصراعات بين البراجماتيين التقدميين والتقليديين الروحيين في تحفته “شامبالا المضطرب/ Turbulent Shambala ” (1993)، يزيل تاشي داوا أوهام الخلود لمواجهة قوى التحديث.
توق للبقاء الثقافي
يكمن خلف البحث عن الجذور توق عميق للبقاء الثقافي. تهيمن تلك الموضوعات المتشابكة على مقتطفات أدبية حديثة باللغة الإنجليزية مثل “حكايات التبت: دفن السماء، عجلات الصلاة، وخيول الرياح/ Tales of Tibet: Sky Burials, Prayer Wheels, and Wind Horses (2001) و “شياطين قديمة، آلهة جديدة: واحد وعشرون قصة قصيرة من التبت/ Old Demons, New Deities: Twenty-One Short Stories from Tibet (2017)، سواء كانت مكتوبة باللغة التبتية أو الصينية أو الإنجليزية، تحكي تلك القصص عن المعتقدات والممارسات البوذية التبتية، في بعض الأحيان بأسلوب انتقادي مكثف. يتضمن مجلد عام 2017 قصصًا للشاعرة Woeser، المخرج Pema Tseden، المدون الناشط Tenzin Dorjee، وTsering Döndrup، مؤلف “الراهب الوسيم وقصص أخرى/ “The Handsome Monk and Other Stories (2019).
بالنسبة إلى الأويغور والتبتيين، غالبًا ما يتم إسقاط حس القهر والنفي على عناصر من العالم الطبيعي. تبرز البيئة الرعوية بشكل خاص في أعمال الكاتبات الرائدات. نجد أن الروائية يانجدون/ Yangdon (1963-2017)، التي تعتبر أول روائية من التبت، تراقب عظمة الطبيعة ونقاء الثقافة التبتية وآلامها في عملها الرائع “إله بلا جنس/ God Without Gender” (1994).
وُلد Geyang في التبت عام 1972 ولكنه تلقى تعليمه في نانجينغ وبكين، تجمع كتاباته (المكتوبة باللغة الصينية) بين التأثيرات البوذية والواقعية الصينية الجديدة. في الحكاية السينمائية “راهبة عجوز تروي قصتها/ An Old Nun Tells Her Story ” (1999). يمثل إجلال الراوية للطبيعة أساساً لحكمتها البوذية. بعد أن أرسلتها عائلتها الميسورة إلى أحد الأديرة في سن الثامنة، تعالج الراهبة البوذية الشابة أزمة اغتصاب إحدى صديقاتها بشجاعة. يتم استدعائها بعد ذلك إلى المنزل من أجل زواج مرتب، ومن ثم تقع في نهاية المطاف في حب زوجها الذي دام زواجها منه عشر سنوات، ثم تعود لاحقًا كأرملة إلى الدير لمشاركة قصص شبابها مع زميلاتها الراهبات.
نال ألاي / Alai، وهو شاعر من منطقة سيتشوان ذات الأغلبية التبتية وأحد أشهر كتاب الأقليات في الصين، جائزة ماو دون/ Mao Dun الأدبية عن روايته الغنائية الأولى “فيما يهدأ الغبار/ As the Dust Settles ” (1988). وفيها يؤرخ البطل الراوي تضاؤل نظام الزعيم الإقطاعي. إذ ينهار اقتصاد الحبوب الذي كان دائماً هو مورد الرزق الأساسي، وذلك بسبب قيام سوق الأفيون بتحويل زهرة الخشاخاش إلى سلعة أساسية عبر نظام زراعة المحصول الموّحد. حينما تحل المجاعة، تجد عائلة الراوي نفسها في مكانة مميزة بسبب فطنته وإصراره على مواصلة تقليد زراعة الحبوب.
يكشف خيال الأقليات عن آبار مدفونة منذ زمن طويل من الحنين والاستياء والقوة والأمل. تشتهر تلك القصص والروايات بإضافتها خيوط متعددة الثقافات إلى نسيج الازدهار الصيني، وغالبًا ما تدحض ادعاءات الوحدة والشمولية لما يسمى بشعوب الأقليات. مع وجود عدد قليل جدًا من الأعمال المتاحة باللغة الإنجليزية، نجد أنفسنا بحاجة إلى المزيد من الترجمات نظراً لجودة تلك الأعمال وأهميتها السياسية الملحة. تستحق تلك الروايات جمهوراً عريضاً من القرّاء، ليس فقط في جميع أنحاء الإمبراطورية الصينية ومناطقها الغربية الشاسعة، ولكن على مستوى العالم.
[1] رابط الموضوع الأصلي بمجلة World Literature Today
https://www.worldliteraturetoday.org/2022/january/chinas-minority-fiction-sabina-knight
[2] المانشو هم أقلية عرقية في الصين، وهو اسم الشعب الذي تستمد منشوريا اسمها منه. يُطلق عليهم أحيانًا اسم «المانشو ذوو اللون الأحمر» في إشارة إلى زركشة قبعات المانشو التقليدية. أسس المانشو وحكموا كلًا من سلالتي جين اللاحقة (1616 – 1636) وكينغ (1636 – 1912)، الذين ينحدرون من شعب جورشن المؤسس لسلالة جين في الصين (1115 – 1234).. يشكل المانشو الفرع الأكبر من شعب تانغوسيك ويتوزعون في جميع أنحاء الصين، مشكلين رابع أكبر مجموعة عرقية في البلاد
[3] الأويغور هم عبارة عن أقلية عرقية تركية تنتمي عرقيًا وثقافيًا إلى المنطقة العامة لوسط وشرق آسيا. يُعرف الأويغور على أنهم مواطنون في منطقة شينجيانغ الأويغورية ذاتية الحكم في جمهورية الصين الشعبية. تُعد هذه الأقلية واحدة من بين 55 أقلية عرقية معترف بها رسميًا في الصين.
[4] جزر غوادلوب :هي منطقة فرنسية جزرية توجد ضمن مجموعة جزر ليوارد الواقعة في جزر الأنتيل الصغرى والتي تمتد على شكل قوس من المحيط الأطلنطي والبحر الكاريبي ويتحدث سكانها اللغة الفرنسية. وبما أنها جزء من فرنسا، فغوادلوب هي جزء من الاتحاد الأوروبي؛ ومن ثم فعملتها هي اليورو، لكنها لا تخضع لاتفاقية شينجن، عاصمة تلك الجزر هي باس-تير.
[5] حادثة موكدين المعروفة أيضًا في اليابان باسم الحادثة المنشورية وفي الصين باسم حادثة 18 سبتمبر وهي حادثة خطط لها الجيش الياباني كذريعة لغزو الجزء الشمالي من الصين المعروف بمنشوريا عام 1931
[6] لاسا هي العاصمة التقليدية للتبت وعاصمة منطقة التبت المتمتعة بالحكم الذاتي من جمهورية الصين الشعبية. تقع لاسا عند سفح جبل جيفيل
[7]هو تمرد الأويغور من عام 1931 إلى عام 1934 للإطاحة بحاكم شينجيانغ في ذلك الوقت
[8] الثورة الثقافية هي مرحلة من القلاقل مرت بها الصين. في 16 مايو 1966، دشن الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ثورة البروليتاريا الثقافية الكبرى. حذر ماوتسي تونغ آنذاك من أن من أسماهم بممثليّ البورجوازية قد اخترقوا الحزب الشيوعي، وأنه سيعمل على اجتثاثهم. وكان إعلانا مزّق المجتمع الصيني. دعا الرئيس ماو الشباب بعد الإعلان عن ثورته الثقافية أن يقوموا بالانقلاب على الزعامة الشيوعية في البلاد. واستجاب لدعوته ألوف الشباب الذين عُرفوا فيما بعد باسم الحرس الأحمر. وغرقت الصين في الفوضى وجرى تخريب جانب كبير من تراث الصين الثقافي. وبنهاية عام 1968 كانت الثورة الثقافية قد جعلت الصين على شفا حرب أهلية.
[9] الهويزو: مجموعة عرقية دينية من شرق آسيا تتكون في الغالب من معتنقين الإسلام الناطقين بالصينية والذين يتم توزيعهم في جميع أنحاء الصين، ومعظمهم في المقاطعات الشمالية الغربية من البلاد وفي منطقة Zhongyuan
[10] الحرس الأحمر: خلال الثورة الثقافية في الصين – التي وقعت بين عامي 1966 و1976 – قام ماو تسي تونغ بتعبئة مجموعات من الشباب المكرسين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم “الحرس الأحمر” لتنفيذ برنامجه الجديد. سعى ماو إلى إنفاذ العقيدة الشيوعية وتخليص الأمة من “الأربعة الكبار” المزعومين- العادات القديمة والثقافة القديمة والعادات القديمة والأفكار القديمة.
[11] الهان: هم مجموعة إثنية شرق آسيوية وأمة أصلية في الصين العظمى. تاريخيًا، يعتبروا سكانًا أصليين لمنطقة حوض النهر الأصفر في الصين الحديثة. يشكلون أكبر مجموعة إثنية في العالم، إذ يشكلون نحو 18% من سكان العالم ويتكونون من مجموعات فرعية مختلفة تتحدث أنواعًا متميزة من اللغة الصينية. يتركز معظم شعب الهان الصينيون المقدر عددهم بـ 1.4 مليار في جمهورية الصين الشعبية ويشكلون نحو 92% من إجمالي السكان.
[12]اليشم هو نوع من الأحجار الكريمة.
[13] الواقعية السحرية أو العجائبية تقنية أدبية ظهرت في كثير من الأعمال الروائية والقصصية في الأدب الألماني منذ مطلع الخمسينيات، و أدب أمريكا اللاتينية بعد ذلك، ثم وجدت طريقها إلى بعض الأعمال في آداب اللغات الأخرى. وتقوم هذه الواقعية على أساس مزج عناصر متقابلة في سياق العمل الأدبي، على أن تكون متعارضة مع قوانين الواقع التجريبي فتختلط الأوهام والمحاولات والتصورات الغريبة بسياق السرد، الذي يظل محتفظا بنبرة حيادية موضوعية كتلك التي تميز التقرير الواقعي.