جمعية الاستقامة وإنجازات لا تُحصى

وتتلخص أهداف الجمعية في نشر الوعي الصحيح للدين الإسلامي في كل مكان والدعوة إلى الله عن طريق تبصير المسلمين بأمور دينهم والتعاون مع باقي الهيئات الإسلامية للأخذ بيد المحتاجين والمعوزين وتقديم الخدمات الاجتماعية الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين والأيتام من خلال إقامة المشاريع الخيرية التي يعود ريعها لمساعدة الفقراء والمحتاجين ولكفالة الأيتام وطلاب العلم وكفالة تدريب المحتاجين للعمل من أبناء الفقراء والأيتام وغيرها من الخدمات التي تقدمها مثل فتح مدارس لتعليم القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية نحوا وصرفا ( قراءة وكتابة ) لغير الناطقين بها

E-m_01

جمعية الاستقامة وإنجازات لا تُحصى


زاهر بن حارث المحروقي


” 1 ”

إن التاريخ الذي يربط السلطنة بشرق إفريقيا تجاوز الحدود الجغرافية ليصل إلى الحدود الثقافية والاجتماعية والسياسية مما كان له أكبر الأثر في توطيد تلك العلاقات ، وها هو التاريخ يتجدد ويعود إلى سابق عهده بعد أن خطت العلاقات الثقافية والدينية خطوات جيدة بعيدا عن السياسة ، تمثلت في إنشاء جمعية خيرية بإسم الاستقامة الإسلامية التنزانية وهي فرع من نشاط أكبر يتفرع من جمعية الاستقامة الخيرية الإسلامية العالمية الذي جاء تأسيسها عام 1995 م ، وقد حافظت الجمعية منذ إنشائها على صفتها كمنظمة إسلامية عالمية خيرية لا تنتمي لجهة ولا تتلون بلون إلاَّ لون الإسلام والعمل الخيري المنـزه، كما حافظت على رسالتها القاصدة إلى تقديم الخير بلا منٍ ولا أذى ودعوة الناس بالتي هي أحسن، وابتعدت في نهجها عن كل ما يفرق ويجلب الاختلاف والتنافربين المسلمين ، لذا التف حولها خيار الناس وفضلاؤهم مما جعلها تحقق نجاحاً كبيراً على أرض الواقع وتصل المسلمين في كثير من الدول المحتاجة خاصة تنـزانيا – كينيا – أوغندا – بوروندي – رواندا – كونجو – مالي – وغانا

وتتلخص أهداف الجمعية في نشر الوعي الصحيح للدين الإسلامي في كل مكان والدعوة إلى الله عن طريق تبصير المسلمين بأمور دينهم والتعاون مع باقي الهيئات الإسلامية للأخذ بيد المحتاجين والمعوزين وتقديم الخدمات الاجتماعية الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين والأيتام من خلال إقامة المشاريع الخيرية التي يعود ريعها لمساعدة الفقراء والمحتاجين ولكفالة الأيتام وطلاب العلم وكفالة تدريب المحتاجين للعمل من أبناء الفقراء والأيتام وغيرها من الخدمات التي تقدمها مثل فتح مدارس لتعليم القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية نحوا وصرفا ( قراءة وكتابة ) لغير الناطقين بها وبناء وترميم المساجد وما يرافق كل ذلك .

وتعاني الجمعية من قلة مصادر الدخل باعتبارها جمعية خيرية ، والعمانيون بصفة عامة لا يهتمون بهذا الجانب كثيرا ، لذا فإن الجمعية تعتمعد في مصادر دخلها على أهل البر والخير وطالبي مرضاة الله سبحانه وتعالى وعلى الزكاة و الصدقات والإعانات الحكومية

” 2 ”

رغم الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الجمعية إلا أنها حققت الكثير من الإنجازات بفضل جهد وعمل متواصل من قبل إناس مخلصين ، فجاءت النتيجة خيرا وبركة إذ أن أعمال الجمعية تميزت بكفاءة عالية وتجاوب سريع مع متطلبات الواقع، مما كان له آثار حميدة في متابعة أحوال المسلمين في كل مكان من قبل أعضاء هذه الجمعية بالزيارات الدورية للوقوف على أحوالهم وتلمس مواطن حاجاتهم والاطمئنان على حسن سير العمل في الفروع الخارجية للجمعية في كل مكان

ويشهد كل من زار المناطق التي تعمل فيها الجمعية بأنها بالفعل أحيت الإسلام والعروبة في تلك البقاع من الموات حيث أخبرني سعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي الذي قام بجولة في الشرق الأفريقي أن جمعية الإستقامة قامت بدور أساسي للحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية للناس هناك وللعمانيين المقيمين هناك خاصة الجيل الجديد الذين فقدوا آباءهم وانقطعت بهم السبل عن الوطن الأم ، لأن الجمعية وجهت كل اهتمامها لإعداد وتأهيل الطلبة المسلمين بالعلم النافع، فقامت بحثهم وتشجيعهم على حفظ كتاب الله تعالى وكرمت حفظة القرآن منهم في احتفالات كثيرة، وهيئت لهم السبل لمواصلة دراستهم في المراحل المتقدمة، وتم إرشادهم إلى خير الدنيا والآخرة وبذلك تستقيم حياتهم ويصبحوا من دعاة الخير وحماة لهذا الدين ، هذا إضافة إلى إحياء اللغة العربية بين المواطنين وأبناء الجاليات العربية المقيمة هناك

وقد نفذت الجمعية بعض المشاريع الخيرية في عدد من الدول التي تم ذكرها آنفا من تبرعات المحسنين، وهذه المشاريع تعتبر صدقة جارية لكل من ساهم بماله من أجل إقامتها

ويعتبرمعهد الاستقامة بزنجبار أهم إنجازات جمعية الاستقامة وهو يتكون في الوقت الحاضر من14 فصلا دراسيا للمرحلتين الابتدائية والثانوية ، وأما في قسم الدراسات الإسلامية واللغة العربية فيدرس الطلاب عددا من المناهج من أهمها اللغة العربية بفروعها من نحو وصرف وأدب وبلاغة والعلوم الإسلامية مثل التفسير والحديث والعقيدة و السيرة والفقه وفروعه

حيث تستمر الدراسة لمدة 4 سنوات يتخرج الطالب بعدها حاصلا على شهادة الثانوية العامة في الدراسات الإسلامية حيث يحصل الأوائل على فرصة تكملة الدراسة الجامعية سواء في سلطنة عمان أو الدول العربية والأجنبية الأخرى، إضافة إلى المدرسة النظامية التي يلتحق فيها الطلاب منذ الصف الأول الابتدائي حيث يدرسون إلى جانب المقررات الإسلامية واللغة العربية و اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والجغرافيا والتربية الوطنية وغيرها من المواد المقررة من الوزارة ، ويضم المعهد مكتبة شاملة للكثير من الكتب والمراجع التي يحتاجها طلاب المعهد لاسيما عند إجراء الدراسات والبحوث المتخصصة

وحتى يمكن تنشئة الطلاب على حب العلم وسهولة الوصول إلى المكتبة فقد أنشأ المعهد سكنا داخليا سواء للطلبة القادمين من خارج زنجبار أو من داخل زنجبار ، كما يضم المعهد مسجدا لأداء الصلوات وتعليم الطلبة الصغار كيفية أداء الصلوات وإمامة المصلين ، ورسالة المعهد تقوم على النهوض بمستوى التعليم الديني والدنيوي وذلك عن طريق تخريج كوادر مؤهلة ومدربة تتمتع بالكفاءة والوعي الديني ، مع غرس العقيدة الصحيحة لدى الخرجين والقدرة على تحمل المشاق ، وتزويد المجتمع الإفريقي بالدعاة المخلصين في دينهم ودنياهم

لقد قام معهد الاستقامة للدراسات الإسلامية بزنجبار بحمل هذه الرسالة العظيمة شأنه شأن بقية المؤسسات التعليمية، وقد سعت إدارة المعهد والهيئة الأكاديمية بتسخير كل طاقاتهم للرقي بهذا المعهد آخذين على عاتقهم تخريج نخبة من الطلبة المتعلمين المؤهلين تأهيلاً جيداً للدعوة وتدريس الناس أمور دينهم وهدايتهم إلى طريق الله القويم، ويعتبر هذا المعهد الرافد الأساسي لتخريج حملة العلوم الشرعية والعلوم الأخرى في زنجبار وله دور مشكور في أوساط الناس عامة وفي أوساط الجالية العمانية خاصة ، إلا أن المعهد يعاني من نقص حاد في المعلمين يستدعي سرعة المبادرة إلى إيجادهم حتى تستمر مسيرة التعليم في المعهد دون تأثر من حيث جودة التعليم والمخرجات

” 3 ”

نظرا للظروف المعيشية الصعبة والقاسية التي يواجهها المسلمون في هذه الدول انعكس ذلك كليا على عدم إمكانية تعليم أولادهم في ظل هذه الظروف الصعبة، مما أدى إلى بقاء أعداد كبيرة تحت براثن الفقر والجهل، وإن من يرى حال هؤلاء البائسين فلا شك أن قلبه ليقطر دما ومهجته تذوب أسىً وإن الحزن ليخيم على جنبات النفوس لما رآه وفد الجمعية في زياراتهم المتكررة لتلك الحال البائسة التي يعيشها المسلمون في تلك البلاد ، فالفقر قد ضرب أطنابه والحرمان قد عم الصغير والكبير والجهل لم يترك أحدا إلا افترسه إلا قليلا ممن رحم ربي ، وهذا أعطى فرصة للبعثات التنصيرية التي تسمى بالتبشيرية بأن يسعوا إلى القضاء على الهوية الإسلامية بكل ما أوتوا من دعم كبير لإخراج المسلمين من دينهم مستغلين فقرهم وجهلهم وحاجتهم ، يغرونهم بالقليل من المال أو الطعام وذلك دأبهم منذ قرون طويلة وهدفهم الأساسي القضاء على الإسلام وقوته السياسية والمعنوية التي هي الطاقة المحركة للعالم الإسلامي، وذلك عن طريق استغلال فقر الناس وجهلهم ومرضهم ليثبتوا وجودهم في بلاد المسلمين ، لأن المسلمين غائبون عن الساحة

ففي إفريقيا بالذات استغلوا المرضى فأنشئوا المستشفيات، واستغلوا جهل الناس وحاجتهم إلى التعليم فبنوا المدارس بكثرة ، واستغلوا فقر الناس فبنوا جمعيات الإحسان وكذلك مؤسسات الأيتام لأبناء الفقراء متذرعين بشعارات إنسانية ولكن أهدافهم غير ذلك، استغل المبشرون هذه الفرص وسعوا إلى تنصير أبناء المسلمين ، استغلوا كل شيء ومشوا وراء كل فكرة واتبعوا كل طريق مؤدي إلى التنصير ، بنوا مكتبات يبيعون فيها كتب رخيصة جداً لغرض استجلاب عقول الناس، وأسسوا عددا من الصحف اليومية والأسبوعية لنشر أفكارهم بين العقول المختلفة، وأسسوا الجمعيات الشبابية مثل جمعية الشباب المسيحية وجمعية الشابات المسيحيات وأسسوا لها فروعا في كل أنحاء العالم الإسلامي، وأعضاء هذه الجمعيات من جميع الأديان والمذاهب، واستغلوا الأندية العامة وأسسوا جمعيات لإصلاح الأحداث، كلها لأجل القضاء على الإسلام ، والمسلمون في سبات عميق لا يلقون بالا لهذه المخططات الخبيثة

يقول الشيخ زاهر العلوي وهو أحد مؤسسي الجمعية وأحد الناشطين في مجال العمل الخيري والدعوي – يقول وكله حسرة – إننا أبلغنا الكثير من المسلمين من ذوي القدرة المالية عن المخططات التنصيرية هذه وطالبناهم بمساعدة الجمعية في بناء المدارس والمساجد والمستشفيات وتوفير مبالغ لأجل الاستثمار ولكن وللأسف فإن القليل جداً من استجاب لنداء الجمعية، بينما أعداء الإسلام يتعاونون في توفير المال اللازم للتبشير حتى أصبحت ميزانياتهم لا تعد ولا تحصى

” 4 ”

ماذا لو كانت هذه الجمعية غير عمانية ؟ ماذا لو أنها كانت سعودية أو كويتية أو إيرانية أو غيرها ؟

على المستوى العام نخسر الآن تاريخنا هناك وكل شيء يتعرض للطمس والإمحاء وعلى المستوى الديني والثقافي هناك جهود جبارة بذلت من قبل أناس أخلصوا أنفسهم لله ولرفع دينه وأعطوا كل شيء من غير مقابل ولكن هل تستطيع الجهود أن تمشي دون دعم ؟ وإلى متى يمكن أن تستمر تلك الجهود والناس قد فقدوا الغيرة على دينهم ووطنهم وتاريخهم ؟!

إن في جمعية الاستقامة الإسلامية العالمية أناسا ينطبق عليهم قول ( أمة في رجل ) ، وإنما هم يحتاجون فقط إلى الدعم والمساندة ، والمثير في هذا الأمر أنه يوجد من بيننا من ينتقد دائما الآخرين في وقت نفضّل فيه النوم والالتحاف بالبطانيات وينتقد ما تقدمه السعودية والسعوديون من مساعدات للعالم الإسلامي بحجة أنهم ينشرون الوهابية ، وينتقد الآخرون إيران وما تقدمه من مساعدات للعالم بحجة أنها تريد أن تنشر المذهب الشيعي ، وفي حقيقة الأمر فإن المرء ليناله الإعجاب مما فعلته السعودية والسعوديون في خدمة الإسلام ، فإضافة إلى بناء المساجد والمدارس في العالم فإن السعودية طبعت ترجمات للقرآن الكريم بلغات الأرض كلها وطبعت كتب التفاسير والأحاديث النبوية والأدعية كذلك وهي الكتب المنتشرة في العالم أجمع ، والمصاحف التي تطبع في السعودية توزع مجانا للعالم كله ، فهل لنا بعد ذلك أن نلومهم في وقت تقاعسنا فيه ؟!

كاتب عماني

العدد الثاني سياسة

عن الكاتب

زاهر بن حارث المحروقي

كاتب وإعلامي عماني
Zahir679@gmail.com